المهرة: قوات أمنية تمنع تظاهرة احتجاجية قرب مبنى شركة النفط وسط غضب شعبي متصاعد بسبب أزمة الكهرباء والمشتقات النفطية

في مشهد يعكس تصاعد التوترات الشعبية في محافظة المهرة، أقدمت قوات أمنية، اليوم الإثنين، على منع تظاهرة شعبية كانت مقررة بالقرب من مبنى شركة النفط بمدينة الغيضة، وذلك احتجاجاً على التدهور الحاد في خدمة الكهرباء وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، في وقت تعيش فيه المحافظة واحدة من أصعب فتراتها الخدمية والمعيشية.
وجاءت الدعوة إلى التظاهر بعد تفاقم الأوضاع المعيشية في المحافظة، التي شهدت خلال الأيام الماضية موجة سخط وغضب متزايدين نتيجة استمرار انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يومياً، في ظل موجة حر شديدة تشهدها المناطق الساحلية والداخلية من المهرة. ورافق ذلك ارتفاع غير مسبوق في أسعار الوقود، ما أدى إلى إرباك الحركة اليومية للمواطنين، وتهديد قطاعات النقل والإنتاج المحلي.
وبحسب شهود عيان، فقد احتشد العشرات من المواطنين قرب محيط مبنى شركة النفط المهرة، رافعين لافتات تطالب بتحسين خدمات الكهرباء، وضبط أسعار المشتقات النفطية، ووقف ما أسموه بـ”العبث بموارد المحافظة”. غير أن قوات أمنية انتشرت بشكل مكثف في المكان قبيل بدء التظاهرة، وقامت بمنع المشاركين من الاقتراب من مبنى الشركة، مستخدمة الحواجز الأمنية والعربات العسكرية لتطويق الموقع.
وأفادت مصادر محلية أن عدداً من المتظاهرين تعرضوا للدفع والمضايقة من قبل العناصر الأمنية، وسط حالة من التوتر كادت أن تتحول إلى اشتباك، إلا أن تدخل بعض القيادات المجتمعية ساهم في تهدئة الموقف، وتجنب التصعيد. كما أكد ناشطون أن بعض المواطنين أُصيبوا بجروح خفيفة جراء التدافع، وتم نقلهم إلى مستشفيات قريبة لتلقي العلاج.
وقد أثار تدخل الأجهزة الأمنية غضباً واسعاً في أوساط الأهالي والناشطين الحقوقيين، الذين اعتبروا منع التظاهرة السلمية انتهاكاً واضحاً لحق المواطنين في التعبير والاحتجاج المشروع على تردي الأوضاع الخدمية والمعيشية. وقال أحد منظمي التظاهرة في تصريح خاص إن “المواطنين خرجوا بصدور عارية يطالبون بحقهم في الكهرباء والوقود، ولا يعقل أن يُواجهوا بالقمع والحصار”.
من جانبها، التزمت السلطات المحلية الصمت إزاء الواقعة، رغم الدعوات المتزايدة لها بضرورة الاستجابة لمطالب المحتجين، وفتح حوار مباشر مع القوى المجتمعية لاحتواء الأزمة. ويأتي هذا في وقت تحدث فيه مسؤولون سابقون عن وجود “خلل إداري ومالي كبير” في إدارة قطاعي الكهرباء والنفط في المحافظة، ما تسبب بعجز تام عن توفير الخدمات الأساسية.
في المقابل، حمّل نشطاء المجتمع المدني الحكومة اليمنية والتحالف العربي جزءاً من المسؤولية، متهمين إياهم بالتقصير في دعم محافظة المهرة، التي ظلت بعيدة نسبياً عن الصراع العسكري لكنها تعاني تهميشاً خدمياً متزايداً. وطالب المحتجون بضرورة تخصيص دعم عاجل لقطاع الكهرباء وتوفير كميات كافية من الوقود بأسعار مناسبة للمواطنين.
وتشهد المهرة منذ عدة أشهر تراجعاً كبيراً في الخدمات، حيث تعاني المدن الرئيسية كـالغيضة وسيحوت وحوف من الانقطاعات المتكررة للكهرباء، إلى جانب شكاوى من رداءة الوقود المتوفر في المحطات الخاصة والعامة. كما يشكو المواطنون من غياب الرقابة الرسمية على أسعار المشتقات، التي تضاعفت دون تفسير مقنع من الجهات المعنية.
واعتبر مراقبون أن هذا التحرك الشعبي يحمل دلالات مهمة على تصاعد الوعي الجماهيري في محافظة المهرة، التي ظلت طوال السنوات الماضية بعيدة عن الاحتجاجات الحاشدة، مشيرين إلى أن الضغط الشعبي قد يدفع السلطات لإجراء إصلاحات عاجلة، أو على الأقل تقديم توضيحات للرأي العام.
في غضون ذلك، دعت منظمات محلية وإعلاميون إلى تنظيم وقفات تضامنية في عدد من المديريات، والتنسيق مع منظمات حقوق الإنسان لتوثيق ما حدث، والمطالبة بضمان حرية التعبير السلمي، باعتبارها من أبسط حقوق المواطنين التي يكفلها الدستور اليمني وكافة المواثيق الدولية.